عَلَى هَامِشِ انْعِقَادِ الدَّوْرَةِ الرَّابِعَةِ عَشْرَ لِمَهْرَجَانِ النَّاظُورِ الدَّوْلِيِّ لِلسِّينَمَا وَالذَّاكِرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَتَحْتَ شِعَارِ: «ذَاكِرَةُ السَّلَامِ»، انْبَعَثَتْ فِكْرَةُ إِصْدَارِ إِعْلَانٍ دَوْلِيٍّ لِلسَّلَامِ وَالْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ، يلخص الْمُشْتَرَكَ الْإِنْسَانِيَّ لِنُخْبَةٍ مِنَ الْمُثَقَّفِينَ مِنْ كافة بقاع الْعَالَمِ، تُؤْمِنُ بِبِنَاءِ مُجْتَمَعَاتِ السِّلْمِ وَالْعَدَالَةِ وِفْقًا لِعَلَاقَاتٍ إِنْسَانِيَّةٍ مُتَكَافِئَةٍ وَجَوَامِعَ مُشْتَرَكَةٍ، خُصُوصًا فِي هَذَا الظَّرْفِ الْعَسِيرِ أساسا، بَعْدَ مَا تَعَرَّضَتْ لَهُ غَزَّةُ مِنْ حَرْبِ إِبَادَةٍ.
وَاتَّفَقَ الْمُشَارِكُونَ عَلَى إِصْدَارِ هَذَا الْإِعْلَانِ:
-1-إِنَّ الْعَدَالَةَ الِانْتِقَالِيَّةَ كَحَقْلٍ أَسَاسِيٍّ فِي أَدَبِيَّاتِ الِانْتِقَالَاتِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ فِي الْعَالَمِ، تُعَدُّ مِنْ أَنْجَعِ الطُّرُقِ لِتَحْقِيقِ التَّحَوُّلِ الدِّيمُقْرَاطِيِّ وَالسَّيْرِ بِالْمُجْتَمَعَاتِ إِلَى بَرِّ الْأَمَانِ.
-2- تُظْهِرُ التَّجَارِبُ الْمُتَعَدِّدَةُ فِي مَجَالِ الِانْتِقَالَاتِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ فِي الْعَدِيدِ مِنْ بُلْدَانِ أُورُوبَّا وَأَمْرِيكَا اللَّاتِينِيَّةِ وَإِفْرِيقْيَا وَغَيْرِهَا فَاعِلِيَّتَهَا فِي تَحْقِيقِ السِّلْمِ الْمُجْتَمَعِيِّ، عَلَى الرَّغْمِ مِنَ التَّحَدِّيَاتِ وَالصُّعُوبَاتِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي وَاجَهَتْهَا.
-3- مِنْ بَيْنِ الْمُخْرَجَاتِ الْإِيجَابِيَّةِ الأساسية لِلْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ خَلْقُ الثِّقَةِ بَيْنَ مُكَوِّنَاتِ الْمُجْتَمَعِ، وَلَاسِيَّمَا بَيْنَ النُّخَبِ السِّيَاسِيَّةِ فِي الْحُكْمِ وَالْفَاعِلِينَ السِّيَاسِيِّينَ وَالْمُجْتَمَعَاتِ الْمَدَنِيَّةِ خَارِجَهُ.
-4-لَا يُمْكِنُ لِلْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ أَنْ تَتَحَقَّقَ أَوْ أَنْ تَنْجَحَ فِي مَهَامِّهَا إِلَّا بِوُجُودِ إِرَادَةٍ سِيَاسِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَصَادِقَةٍ مِنَ الدَّوْلَةِ وَمِنَ الْمُجْتَمَعِ الْمَدَنِيِّ وَالسِّيَاسِيِّ، لِإِحْدَاثِ التَّغْيِيرِ الْمَنْشُودِ مِنْ خِلَالِ:كَشْفِ الْحَقِيقَةِ، وَالْمُسَاءَلَةِ، وَجَبْرِ الضَّرَرِ وَتَعْوِيضِ الضَّحَايَا أَوْ أُسَرِهِمْ، وَإِصْلَاحِ النِّظَامِ الْقَانُونِيِّ وَالْقَضَائِيِّ وَالْأَمْنِيِّ، وُصُولًا إِلَى تَحْقِيقِ الْمُصَالَحَةِ الْوَطَنِيَّةِ، مَعَ التَّأْكِيدِ عَلَى اعْتِمَادِ مَبَادِئِ التَّسَامُحِ وَتَجَنُّبِ كُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ اللُّجُوءُ إِلَى الِانْتِقَامِ وَالثَّأْرِ وَالْكَيْدِيَّةِ.
-5- يُجْمِعُ الْمُشَارِكُونَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ التَّنَاسُبِ بَيْنَ الْأَشْكَالِ وَالْآلِيَّاتِ الْمُقْتَرَحَةِ وَبَيْنَ طَبِيعَةِ الِانْتِقَالَاتِ وَالْقُوَى الْفَاعِلَةِ فِيهَا، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ اسْتِنْسَاخُ أَوِ اقْتِبَاسُ تَجْرِبَةِ بَلَدٍ وَفَرْضُهَا عَلَى بَلَدٍ آخَرَ، عِلْمًا بِأَنَّ ثَمَّةَ قَوَاسِمَ مُشْتَرَكَةً تَلْتَقِي عِنْدَهَا التَّجَارِبُ الْمُخْتَلِفَةُ ابْتِدَاءً مِنْ تَحْدِيدِ الْمَسْؤُولِيَّاتِ وَصُولًا إِلَى مَعْرِفَةِ حَجْمِ الِانْتِهَاكَاتِ وَآلِيَّاتِ مُعَالَجَتِهَا.
-6- يُؤَكِّدُ الْمُشَارِكُونَ أَنَّ الْمُصَالَحَةَ هِيَ الْحَجَرُ الْأَسَاسُ الَّذِي تَقُومُ عَلَيْهِ تَجَارِبُ الْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ تَحَقُّقُهَا دُونَ سَلَامٍ حَقِيقِيٍّ وَعَادِلٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، فَهُوَ يُجَسِّدُ الْقَاعِدَةَ الْمُشْتَرَكَةَ لِجَمِيعِ التَّجَارِبِ الِانْتِقَالِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْمُجْتَمَعَاتِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ؛والمقصود بالْمُصَالَحَةُ السِّيَاسِيَّةُ وَالِاجْتِمَاعِيَّةُ وَالْوَطَنِيَّةُ، دُونَ نِسْيَانِ أَنَّ الْمُصَالَحَةَ السِّيَاسِيَّةَ غَالِبًا مَا تُسْبِقُ الْأَشْكَالَ الْأُخْرَى مِنَ الْمُصَالَحَاتِ؛وَلَنَا فِي التَّجْرِبَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ، الَّتِي أَشَادَ بِهَا الْمُشَارِكُونَ فِي هَذَا الْمُلْتَقَى الدُّوَلِيِّ، خَيْرُ مِثَالٍ عَلَى ذَلِكَ.
-7- إِنَّ إِصْلَاحَ الْمُؤَسَّسَاتِ وَضَمَانَ عَدَمِ تِكْرَارِ مَا جَرَى يُعَدَّانِ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُؤَسِّسَةِ لِتَحْقِيقِ السِّلْمِ الْمُجْتَمَعِيِّ وَإِنْجَاحِ الْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ عَبْرَ التَّرَاكُمِ وَالْمُرَاجَعَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ.
-8- يُؤَكِّدُ الْمُشَارِكُونَ عَلَى ضَرُورَةِ إِيلَاءِ اهْتِمَامٍ كَبِيرٍ بِالِانْتِهَاكَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحُقُوقِ الِاقْتِصَادِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ، وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِمُعَالَجَةِ الِانْتِهَاكَاتِ ذَاتِ الصِّلَةِ بِالْحُقُوقِ الْمَدَنِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ عَلَى أَهَمِّيَّتِهَا وَدَوْرِهَا الْخَطِيرِ.
-9- تَسْتَهْدِفُ الْعَدَالَةُ الِانْتِقَالِيَّةُ زَرْعَ الثِّقَةِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ دَفْعِ تَعْوِيضَاتٍ مَادِّيَّةٍ أَوْ خَدَمَاتٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ؛ بَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ عَلَى ضَمَانِ تَمَتُّعِ الضَّحَايَا،كَمُواطِنِينَ، بِكُامل حُقُوقِهِمْ، وَعَلَى رَأْسِ ذَلِكَ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِي مَسَارِ الْإِصْلَاحَاتِ لِتَعْزِيزِ السِّلْمِ وَتَحْقِيقِ التَّنْمِيَةِ وَبِنَاءِ دَوْلَةِ الْحَقِّ وَالْمُؤَسَّسَاتِ.
ومن الضروري التأكيد على أن نجاح أي تجربة في العدالة الانتقالية يجب أن تعالج الانتهاكات التي تعرضت لها النساء و ان تكون مشاركتهن في هذه المسلسلات مماثلة بمشاركة النصف الاخر من المجتمع ، و أن يتم الاعتراف بما عانيناه من انتهاكات خاصة وفق مبادئ حقوق الإنسان ، و القانون الدولي الإنساني، و تبني معالجة عادلة لما تعرضن له ليشاركن في أي تحول محتمعي في البلدان المعنية .
-10- يُدْرِكُ الْمُشَارِكُونَ صُعُوبَةَ الْعَدِيدِ مِنْ تَجَارِبِ الْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ وَالتَّحَدِّيَاتِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي تُوَاجِهُهَا، بِمَا فِيهَا لِجَانُ الْحَقِيقَةِ وَالْمُسَاءَلَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَتَقَصِّي الْحَقَائِقِ وَغَيْرُهَا مِنَ الْأَشْكَالِ الَّتِي رَافَقَتْ تَجَارِبَ الْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ، عِلْمًا بِأَنَّ مُحَدِّدَ النَّجَاحِ أَوِ الْفَشَلِ هُوَ الثِّقَةُالَّتِي يَجِبُ أَنْ تَخْلُقَهَا الْعَدَالَةُ الِانْتِقَالِيَّةُ فِي ظُرُوفِ التَّحَوُّلِ السِّلْمِيِّ، وَالَّتِي يَجِبُ زَرْعُهَا وَتَنْمِيَتُهَا وَتَطْوِيرُهَا بِاسْتِمْرَارٍ بَيْنَ الْفَرْدِ وَالدَّوْلَةِ وَبَيْنَ الْمُجْتَمَعِ وَالدَّوْلَةِ وَفِي إِطَارِ الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ.
كما يُدْرِكُ الْمُشَارِكُونَ أَنَّ الطَّرِيقَ لِتَحْقِيقِ السَّلَامِ وَالْعَدَالَةِ الِانْتِقَالِيَّةِ لَيْسَ مُعَبَّدًا، وَيَتَطَلَّبُ ذَلِكَ تَضَامُنًا فَعَّالًا، وَلَاسِيَّمَا عَلَى الصَّعِيدِ الْأُمَمِيِّ، عَلَى ذَاتِ الْمَبَادِئِ وَالْقِيَمِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي نَلْتَقِي عِنْدَهَا، وَالَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى جَهْدٍ كَبِيرٍ وَفَعَّالٍ عَلَى صَعِيدِ كُلِّ بَلَدٍ لِتَحْقِيقِ الْوَحْدَةِ الْوَطَنِيَّةِ وَالسَّلَامِ الْمُجْتَمَعِيِّ وَالْحِفَاظِ عَلَى الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ الْقَائِمِ عَلَى قوانين حقوق الإنسان، ولا سيما القانون الدولي الإنساني ،والْمُواطَنَةِ السَّلِيمَةِ الَّتِي تَسْتَنِدُ إِلَى حُكْمِ الْقَانُونِ وَالْحُرِّيَّاتِ وَالْمُسَاوَاةِ وَالْعَدَالَةِ وَالشَّرَاكَةِ وَالْمُشَارَكَةِ، انْطِلَاقًا مِنْ قَاعِدَةِ:«نَحْنُ شُرَكَاءُ فِي الْوَطَنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ نَكُونَ مُشَارِكِينَ فِي اتِّخَاذِ الْقَرَارِ»،بِمَا يُوَسِّعُ مِنْ خِيَارَاتِ النَّاسِ فِي انْتِهَاجِ طَرِيقِ التَّنْمِيَةِ الْمُسْتَدَامَةِ وَالْحُكْمِ الصَّالِحِ وَبِنَاءِ الْمُؤَسَّسَاتِ وَاحْتِرَامِ إِرَادَةِ الرَّأْيِ الْعَامِّ بِمُؤَسَّسَاتِهِ السِّيَاسِيَّةِ.الثَّقَافِيَّةِ وَالنِّقَابِيَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ.













