منذ اندلاع أزمة أكادير التي هزّت قطاع الصحة، تحرّك وزير الصحة أمين التهراوي في زيارات ميدانية متتالية شملت عدداً من المدن المغربية، في محاولة واضحة لإيصال رسالة ،انه قريب من المواطن . لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل تكفي هذه الزيارات لإطفاء نيران أزمة هي في الحقيقة بركان وغليان لم تشهده المملكة من قبل ، قنبلة تكاد ان تفجر في صمت؟
إن أزمة الصحة في المغرب ليست أزمة ظرفية، بل هي جرح عميق وقديم يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحات جذرية قد تمتد لسنوات، بل ربما لفترة حكومية كاملة هنا اشير الحكومة المقبلة بعد انتخابات 2026 .
قبل أن نصل إلى أدنى المعايير العالمية. فكيف يمكن لقطاع يعاني من نقص مهول في الأطر الطبية، ومن هجرة جماعية للأطباء نحو المصحات الخاصة بحثاً عن الربح السريع
بهذه الطريقة لن يستطيع القطاع أن يقدم خدمة عمومية تحفظ كرامة المواطن؟ هناك سبب آخر ان بعض أطباء القطاع العام يلهثون وراء الربح السريع في المصحات تاركين المستشفيات كلها إنتظارات وانين ….!
الواقع أن المستشفيات العمومية بات اغلبيتها دون امل للشفاء ، نجد في بعض الأجنحة مرضى يئنون على أسِرّة ينتضرون كم من موعد الغي وكم من موعد أجل .
لوبيات المال والأعمال شركات الأدوية، تجار الأجهزة الطبية، وأباطرة القطاع الذين لا يرون في صحة المواطن سوى صفقات مربحة . هذا المستنقع الآسن لن يقدر على تجفيفه سوى قوة عليا: وهو تدخل حازم من راعي الأمة جلالة الملك.
الوزير، وإن بدا أنه يباشر ما يسميه الخبراء او ما يطلق استراتيجية التصحيح رغم انه بعيدا عن مهنة الطب – من تضامن مباشر مع المرضى، إلى فتح تحقيقات، واتخاذ إجراءات تأديبية هنا وهناك – إلا أن النيران تظل مشتعلة. ما يطفئه اليوم غي جهة ، يعاود الاشتعال غداً في أخرى ، لأن الأزمة بنيوية وعميقة، تتجاوز قدرات الوزير مهما كانت نواياه.
المعضلة الحقيقية تكمن في عوامل متشابكة: غياب إرادة سياسية شجاعة، عقلية مجتمعية ما زالت متواطئة بالصمت أو اللامبالاة، وأزمة أخلاق نخرت القطاع من الداخل. يضاف إلى ذلك صعوبة الولوج إلى العلاج، ضعف تمويل الأدوية، التوزيع غير العادل للأطر الطبية بين الجهات، وأزمة ثقة متفاقمة بين المواطن والدولة.
خلاصة القول: الوزير يتحرك، نعم. لكن المطلوب أكثر من زيارات ميدانية وصور أمام عدسات الكاميرات، المطلوب قرارات جريئة تُحدث فرقاً ملموساً، وتترك صدى طيباً في ذاكرة المغاربة. فهل سنشهد ذلك قريباً، أم أن أزمة الصحة ستبقى لعنة أبدية تلاحق هذا الوطن .
**محمد عابد














