شهدت الكلية متعددة التخصصات بالناظور، التابعة لجامعة محمد الأول، يوم الخميس 19 يونيو 2025، تنظيم ندوة علمية دولية حول موضوع بالغ الأهمية وذي راهنية، تحت عنوان: “الذكاء الاصطناعي ديداكتيك اللغات: إعادة التفكير في الممارسات، التحديات، والمستقبل البيداغوجي”، بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين من داخل المغرب وخارجه.
الندوة، التي نظمت بشراكة بين شعبة الدراسات الفرنسية، وشعبة الكفايات العرضانية، وماستر “الديداكتيك، تهيئة اللغات والذكاء الاصطناعي” وبحضور أستاذة باحثة من جامعة لورين الفرنسية، شكلت محطة فكرية متميزة للتداول في العلاقة المتنامية بين التقدم التكنولوجي، وخصوصًا الذكاء الاصطناعي، ومجال تعليم وتعلم اللغات. وقد لقيت هذه التظاهرة العلمية إشادة واسعة من الحاضرين، سواء من حيث التنظيم أو من حيث تنوع المداخلات المقدمة وطبيعة المقاربات التي من خلالها تم تناول المواضيع.
ففي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها رئيس جامعة محمد الأول بوجدة، الدكتور ياسين زغلول، أشاد بالتميز التنظيمي الذي بات يطبع أنشطة الكلية، وبالروح التشاركية التي تجمع طاقمها الإداري والبيداغوجي. حيث نوه بالمجهودات الكبيرة التي يبذلها عميد الكلية متعددة التخصصات بالناظور، الدكتور علي أزديموسى، في سبيل تعزيز الدينامية العلمية داخل المؤسسة، وتيسير انفتاحها على المستجدات المعرفية والتكنولوجية، وتشجيع المبادرات العلمية في مختلف المسالك المتنوعة داخل الكلية.
فهذه الندوة كانت أيضًا مناسبة لتكريم هذا الأستاذ الفاضل الدكتور علي أزدموسى، والذي يعد من أبرز الوجوه الأكاديمية وطنيا وجهويا وإقليميا، بشهادة الدكتور رئيس جامعة محمد الأول. ويعد هذا التكريم اعترافًا بعطاءات هذه القامة العلمية ومساهماته في مجال البحث العلمي من جهة وفي مجال التدبير الإداري المتميز لمؤسسة جامعية هامة كالكلية متعددة التخصصات بالناظور من جهة ثانية.
وقد عبر المحتفى به عن اعتزازه بهذا التكريم الذي يعكس روح الوفاء والاعتراف السائدة في الوسط الجامعي.
كما تم تكريم الطالبات الباحثات من ماستر الديداكتيك وتهيئة اللغات والذكاء الاصطناعي الحاصلات على المراتب الثلاثة الأولى في امتحانات الأسدوس الأول من الموسم الجامعي الحالي تشجيعا لهن على مزيد من الاجتهاد والبحث العلمي الجاد.
وقد تمحورت أشغال الندوة حول أربع قضايا مركزية:
1. ديداكتيك اللغات والذكاء الاصطناعي : الرهانات والمقاربات والآفاق البيتخصصية.
2. التجديد التربوي والذكاء الاصطناعي : التأثير والرهانات والممارسات في تدريس اللغات والعلوم الإنسانية.
3. الذكاء الاصطناعي في خدمة ديداكتيك اللغات : الابتكار والشمولية والتحولات التربوية في السياق المغربي
4. رؤى الباحثين الشباب حول الكفاءات والممارسات والتحديات الديداكتيكية في عصر الذكاء الاصطناعي.
تناول المشاركون مجموعة من المواضيع التي تدور حول كل محور من المحاور الأربعة السالفة الذكر، ناقشوا من خلالها سبل دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم بشكل مسؤول وفعال، مع التركيز على استثماره لتحسين جودة التعلم دون المساس بالقيم التربوية الأصيلة أو الحضور البشري الذي يعد ضروريا في العملية التعليمية التعلمية. كما أبرزت المداخلات التأثيرات المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي على استقلالية المتعلم، وتفاعلاته الصفية، وموقع المدرس في ظل بيئة تعليمية تعلمية رقمية متطورة.
ولم تغب عن النقاشات القضايا المرتبطة بالتعدد اللغوي والثقافي، حيث جرى التأكيد على ضرورة جعل الذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز هذا التعدد وليس الحد منه، وكذا التأكيد على أهمية تعزيز التفكير النقدي والذكاء العاطفي في بيئات تعلم تعتمد على التكنولوجيا.
عرفت هذه الندوة نجاحا كبيرا ما كان ليتحقق لولا جهود اللجنة العلمية والتنظيمية، التي أشرفت على إعداد برنامج علمي متكامل وضمان حسن سير مختلف الجلسات والورشات. كما ساهم التفاعل الكبير من جانب الحاضرين والطلبة في إغناء النقاش وفتح آفاق جديدة للتفكير في سبل تجويد تعليم اللغات في عصر الذكاء الاصطناعي.
وختامًا، شكلت هذه الندوة محطة علمية متميزة من شأنها أن تفتح الباب أمام مبادرات أكاديمية وبحثية مستقبلية أكثر عمقًا، تروم تطوير منظومة تعليم اللغات عبر توظيف الذكاء الاصطناعي بما يخدم الجودة والابتكار في الممارسات التربوية، ويواكب التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم.
** محمد الحدوشي