في مداخلة لافتة قدمها الدكتور إدريس موحتات، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، خلال أشغال المؤتمر الجامعي الأول في الإعلام والتواصل الذي احتضنته جامعة فاس الأسبوع الماضي، سلط الضوء على تجربة مسلك الصحافة والإعلام بالكلية، تحت عنوان: “تجربة مسلك الصحافة والإعلام في كلية الآداب بمكناس: الواقع والرهانات”، مشددًا على أن هذا التكوين حديث النشأة ويحتاج إلى دعم مادي وبيداغوجي لمواكبة التحولات الرقمية التي يشهدها القطاع الإعلامي.
موحتات أشار إلى أن هذا المسلك، الذي رأى النور قبل سنتين، وُلد من رحم ماستر سابق يحمل عنوان “الصحافة المكتوبة باللغة العربية”، تم إغلاقه سنة 2016 بعد انتهاء مدة اعتماده، ليُعاد بعثه في ظل الإصلاحات الجامعية الجديدة، استجابة لحاجيات معرفية وأكاديمية داخل شعبة اللغة العربية، وتفاعلًا مع تراجع الإقبال الطلابي على المسالك الكلاسيكية.
وفي تشخيص دقيق لواقع المسلك، أوضح المتحدث أن هناك إكراهات مادية ولوجستيكية واضحة تعرقل تحقيق الأهداف المتوخاة، أبرزها غياب التجهيزات الأساسية كالاستوديوهات والمعدات التقنية الضرورية لتكوين إعلاميين قادرين على مواكبة مستجدات المهنة. كما لفت إلى ضعف فرص التدريب داخل المؤسسات الإعلامية، وهو ما يهدد بإفراغ التكوين من جانبه العملي، ويُبقي على العملية التعليمية حبيسة النظري.
أما على المستوى البيداغوجي، فقد شدد محتاة على أن الهيئة التدريسية تطمح إلى تقديم تكوين نوعي يربط بين المعارف النظرية والمهارات المهنية.
وأكد أن الصحافة لم تعد مجرد وسيلة إخبارية بل أصبحت ركيزة أساسية لبناء وعي مجتمعي مستنير، ومحورا جوهريًا في ترسيخ قيم الديمقراطية وحرية التعبير.
وفي حديثه عن رهانات العصر الرقمي، اعتبر الأستاذ أن الثورة التكنولوجية قلبت المفاهيم الكلاسيكية في الصحافة رأسا على عقب، وأصبحت تفرض على المؤسسات الأكاديمية مراجعة مناهجها بشكل دوري، وإدماج أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع المعزز وتحليل البيانات في التكوينات الجامعية.
واختتم مداخلته بدعوة صريحة إلى ضرورة تكوين الأساتذة في الجوانب التقنية، وتوفير البنيات التحتية المناسبة، من أجل الارتقاء بمسلك الصحافة والإعلام إلى مستوى التحديات الوطنية والدولية، مؤكدا أن الرهان الحقيقي اليوم هو تكوين جيل جديد من الصحفيين، يجمع بين المعرفة العميقة والمهارة الرقمية والأخلاقيات المهنية.