منذ سنوات طويلة، ظلّ حلم ساكنة أحد دواوير جماعة بودينار تمسمان يتمثل في إنشاء مستوصف صحي يُخفّف عنهم معاناة التنقل إلى المراكز البعيدة قصد التطبيب. وبعد مطالب متكرّرة من الأهالي، تمكّن السكان بشقّ الأنفس من توفير قطعة أرضية مخصّصة لهذا المشروع، رغم العراقيل والمشاكل الكثيرة التي اعترضت طريقهم.
وبعد أن تم بناء المستوصف وتدشينه من طرف عامل الإقليم في حفل رسمي، تنفّس الجميع الصعداء معتقدين أن معاناتهم مع المرض والأسفار الطويلة قد انتهت. غير أن فرحتهم سرعان ما تحوّلت إلى خيبة، إذ ظلّ المستوصف مغلقاً دون أن يُزوّد بأي موظفين أو أطر طبية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد وجد السكان أنفسهم مضطرين لتوفير طريق يوصل إلى المستوصف بعد جدل طويل ومشاكل متراكمة، لكنهم استطاعوا في النهاية فتح المسلك الطرقي وإنهاء الأشغال. ورغم كل تلك التضحيات، ظلّ المبنى مُهملاً، جدرانه صامتة، وأبوابه مغلقة، كأنه مجرّد معلمة إسمنتية بلا روح.
اليوم، وبعد مرور سنوات على التدشين، لا يزال المستوصف مجرّد بناية مهجورة، في غياب أي محاسبة أو مساءلة حول أسباب هذا الجمود، مما جعل الساكنة تشعر بأن حقوقها في الصحة والرعاية الأساسية قد ضاعت وسط الوعود المؤجلة.
إن الوضع الراهن يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المسؤولة لفتح هذا المرفق الحيوي وتجهيزه بالأطر والوسائل اللازمة، حتى لا يبقى شاهداً على سياسة “الوعود بلا وفاء”، وليتحوّل أخيراً إلى فضاء يُخفف من معاناة السكان، بدل أن يكون عنواناً للخيبة والتهميش.
** ف.د














