في واقعة صادمة هزّت الرأي العام الإسباني، أكدت المحكمة العليا للعدالة بمدريد (TSJM) قرار توقيف شرطي لمدة 90 يوما عن مهامه، بعدما ثبت تورّطه في استغلال شبان مهاجرين – بينهم قاصر – ومساومتهم جنسيا مقابل تسريع إجراءات طلبات اللجوء، خلال مهامه الرسمية في كلّ من سبتة وجزر الكناري، بحسب ما نقلته صحيفة إلفارو.
مقايضة مشبوهة داخل غرف الفنادق
الشرطي المعني، والذي كان يعمل تحت لواء المفوضية العامة لشرطة الهجرة والحدود، خضع للتحقيق بعد تقارير رصدته وهو يتقرّب من مهاجرين شباب من أصول مغاربية في الشوارع، ويعرض عليهم مساعدته لتسريع طلباتهم الخاصة باللجوء مقابل خدمات جنسية. التحقيقات كشفت أنه دعا أربعة شبان مختلفين، أحدهم قاصر، إلى غرفته الفندقية حيث مكثوا قرابة 45 دقيقة، قبل أن يغادروها وهم يحملون أكياسًا تحتوي على ملابس ومشروبات وأحيانًا مبالغ مالية.
استغلال النفوذ داخل منظومة اللجوء
الفترة التي حدثت فيها هذه الانتهاكات تمتد ما بين 11 غشت و2 نونبر 2021، حيث كُلّف الشرطي بالمساعدة في معالجة طلبات اللجوء المقدمة في سبتة ولاس بالماس دي غران كناريا، بما في ذلك إجراء مقابلات مع المهاجرين. لكن عوضًا عن الالتزام بالمساطر القانونية، لجأ إلى وسائل ملتوية وخرق القنوات الرسمية للتعامل مع ملفات اللجوء، موجّها جهوده نحو من استدرجهم من الشارع.
تفاصيل تُدين: “استقبلهم بملابس داخلية”
بحسب الحكم الصادر، أدلى عدد من الضحايا بشهادات متطابقة تفيد بأن الشرطي كان يستقبلهم في غرف الفنادق وهو يرتدي فقط ملابسه الداخلية، بل كان يدعو بعضهم لقضاء الليلة معه. وأظهرت مراقبة داخلية أجراها زملاؤه من جهاز “الشؤون الداخلية” أنه كان يطلب باستمرار غرفة بعينها في فندق بمدينة سبتة، نظراً لوجود مدخل خاص بها من السلالم، بعيداً عن أعين موظفي الاستقبال.
وفي مهماته بمدينة لاس بالماس، تعمّد الإقامة في فندق مختلف عن باقي زملائه، في محاولة واضحة لتجنّب أي رقابة مباشرة.
المحكمة: لا خرق لقرينة البراءة والعقوبة مناسبة
ورفضت المحكمة مزاعم الشرطي بكونه حُرم من الدفاع عن نفسه أو أن قرينة البراءة قد انتُهكت، مؤكدة أن الوقائع ثابتة وأن العقوبة المتمثلة في توقيفه لـ90 يوماً تظل “متناسبة مع ما اقترفه” وليست “مفرطة”.
هذه الفضيحة تسلط الضوء على هشاشة بعض الجوانب في منظومة التعامل مع طالبي اللجوء بإسبانيا، وتطرح أسئلة حقيقية حول حماية المهاجرين، خاصة القاصرين، من الاستغلال والانتهاكات داخل مؤسسات يفترض أن تكون ملاذًا لهم لا مصدر خطر.