يسود الكثير من التساؤلات والتأويلات المتباينة وسط الرأي العام، في ظل غياب بلاغ رسمي من وزارة الداخلية يؤكد أو ينفي خبر إعفاء واليَي مراكش وفاس، فريد شوراق ومعاذ الجامعي. وتبقى القراءة الراجحة لهذا الملف، والتي يرجّح كثيرون صحتها، أن القرار جاء نتيجة تجاوزات في البروتوكولات القانونية المعمول بها، إضافة إلى اتخاذ قرارات انفرادية خارج الصلاحيات المخولة لهما. ومن أبرز هذه التجاوزات، ما يُقال عن قيام الواليين بذبح أضاحي العيد، وهو ما اعتبر سببًا رئيسيًا في اتخاذ قرار الإعفاء.
وقد أثار هذا الموضوع نقاشًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تنوعت ردود الأفعال وتقييمات أداء المسؤولين المعنيين، إلا أن إعفاء والي مراكش، فريد شوراق، استأثر بالنصيب الأكبر من المتابعة الإعلامية. المفارقة أن هذا النقاش لم يكن محصورًا بمدينة مراكش، التي تولى فيها منصبه مؤخرًا، بل انصبَّ بشكل كبير على تجربته السابقة في إقليم الحسيمة، حيث شغل منصب عامل الإقليم لمدة تقارب الست سنوات.
وقد أشاد بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأداء شوراق أثناء فترة توليه المسؤولية بالحسيمة، خاصةً وأنه عُيِّن خلال فترة حساسة من تاريخ الإقليم تزامنت مع حراك الريف. غير أن انتقادات واسعة طالت أسلوب تدبيره للمرحلة، حيث اعتُبر أنه غلّب المقاربة الأمنية في تعاطيه مع عدد من القضايا، وأُخذ عليه إغلاق أبوابه أمام هموم الساكنة وتعبيراتها المدنية والسياسية. ويُستشهد على ذلك بتدبيره لانتخابات 2021، الذي اعتبره البعض انعكاسًا لهذا النهج.
كما يُؤاخذ عليه من قِبل عدد من المتابعين للشأن المحلي أنه أحاط نفسه بمجموعة من الوجوه الحزبية والمهنية التي تواجه انتقادات حادة من طرف الرأي العام المحلي، نظرًا لتضارب مصالحها الحزبية والاقتصادية، وهو ما يُعد مساسًا بمبدأ حيادية المرفق العمومي.
ومن المفارقات التي لفتت الانتباه بالحسيمة، أن عددًا من الذين كانوا يُحسبون على دائرة المقرّبين من العامل شوراق أثناء توليه المسؤولية بالإقليم، كانوا من أوائل من انتقدوا أداءه بعد إعفائه، وهو ما يُظهر أحد أوجه التعقيد والغرابة في المشهد السياسي المحلي.
وإذا ما صحّ خبر إعفاء الواليين، فإن الرسالة ستكون واضحة للنخب السياسية والإدارية بالمغرب: المرحلة تقتضي قدرًا أكبر من الصرامة، والالتزام الدقيق بالقانون والتدبير الرصين. فمغرب اليوم لم يعد يتسع للتملق أو لتجاوز الصلاحيات، مهما كان موقع المسؤول أو حجمه.