إنّ تجاهل المسؤولين لتطبيق قوانين واضحة وغير قابلة للتأويل يعدّ من أبرز مظاهر التخلف المؤسسي، لأنه يضعف هيبة الدولة ويقوّض الثقة بين المواطن والسلطة. يشير نورث (1990) إلى أن التنمية لا تتحقق إلا بوجود مؤسسات تحترم القواعد وتطبقها على الجميع، فيما يؤكد براتون وفان دي وال (1997) أن انتقائية تطبيق القوانين، خاصة من قبل المسؤولين، تخلق بيئة مواتية للفساد والمحسوبية، وهو ما يعمّق الفجوة بين الدولة والمجتمع.
ومن بين تجليات هذه الانتقائية والعشوائية في مدينتنا، تلك المتعلقة بتطبيق قانون السير عند وجود إشارة “ممنوع الوقوف”، والتي تتم تبعًا لمزاج من يُفترض فيهم السهر على تنفيذه. فكم من سيارة تُقطر لأنها كانت مركونة في مكان ممنوع، بينما تُترك عشرات السيارات الأخرى في شارع مجاور، ارتكبت المخالفة ذاتها دون أي إجراء! فإذا كان الهدف هو فرض الانضباط، فإن المنطق يقتضي تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء، أو ترك الأمر برمّته. خصوصًا في ظل الاكتظاظ الذي تعرفه المدينة، وَنْدرة أماكن التوقف..
فكيف يمكن أن ننتظر من المواطن احترام قانون السير والجولان وسط هذه الفوضى والضبابية التي تولّد شعورًا دائمًا بالتيه؟ وكيف يمكن لحملات التوعية، التي تُنظَّم أحيانًا داخل المؤسسات التعليمية، أن تحقق أهدافها إذا كان سلوك القائمين على تطبيق القانون يناقض مضمون تلك الحملات؟
أليس من الأجدر تحرير الأرصفة والأماكن العامة التي يحتلها بعض التجار بصناديقهم وبضائعهم وأدواتهم، بدل الاجتهاد فقط في قطر سيارات غالبًا ما تكون لزوار أو سياح لم تتح لهم فرصة فهم “شيفرة” هذه العشوائية والانتقائية، إلى المحجز البلدي؟